الجمعة، 10 ديسمبر 2010

"εїз" الرضا راحة المؤمن من عناء الهموم "εїз"




 :
 
المؤمن ذلكـ

الإنسان الذي سلم أمره وقلبه لخالقه فاطمأن وهدأ
فرأى بعين الرضا كل أمر هو خير فلم يجزع لقضاء أو قلة رزقٍ
علم أن ما أصابه لم يكن ليخطأه وما أخطأه لم يكن ليصيبه فسعدت روحه
وكسبت رضا خالقها وكانت مستقراً لها جنات عدن
وكان حقاً على الله أن يناديها عندما تعود إليه فرحة بلقائه
"يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي" الفجر

رأس الأمر كله الإيمان بالله

ومن أهم الأمور التي تؤدي إلى الرضا والتسليم بأقدار الله عز وجل الإيمان بالله سبحانه وتعالى وحسن التوكل عليه وتدبر القرآن الكريم والحرص على عدم تفويت الأجر وتوطين النفس على أن الدنيا لن تدوم على حال ولإي إنسان فإن تقبل الأمر يصبح هينا وتهون كل الهموم على عتبة الرضا والعبودية لله عز وجل
عن صهيب بن سنان الرومي عن الرسول صلى الله عليه وسلم : عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له . رواه مسلم .سند صحيح




أشد بلاءً الأنبياء


وهذا معشر الأنبياء من ءادم عليه السلام إلى نوح وأيوب ويوسف وموسى وعيسى إلى حبيبنا خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم إلى سائر الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم وسلامه يبتلوا فيرضوا ويصبروا وهم صفوة البشر وخير الخلق أجمعين
"عن سعد بن أبي وقاص قلت : يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال : الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل من الناس يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خفف عنه وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة "
مسند أحمد - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة يموت إبنه إبراهيم الذي جاء بعد طول انتظار وتدمع العين ولكن القلب راضٍ ويقول صلى الله عليه وسلم : تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا والله بك يا إبراهيم لمحزونون

سند صحيح





الرضا من شيم المحبين


وبسابق علم الله عز وجل يعلم أن هذه العبد راضي بالقضاء أم ساخط ولكن حتى يقيم عليه الحجة فيبتليه ويمتحنه حتى يرى كيف يقابل هذا البلاء بالرضا أم بالسخط ....
إن عظم الجزاء من عظم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط

الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - خلاصة الدرجة: إسناده حسن
فالمحب راض عن حبيبه في كل حالة وقد كان عمران بن حصين رضى الله عنه استسقى بطنه فبقي ملقى على ظهره مدة طويلة لا يقوم ولا يقعد وقد نقب له في سريره موضع لحاجته فدخل عليه مطرف بن عبدالله الشخير فجعل يبكي لما رأى من حاله فقال له عمران : لم تبكي فقال : لأني أراك على هذه الحال الفظيعة فقال : لاتبك فإن أحبه إلي أحبه إليه وقال : أخبرك بشيء لعل الله أن ينفعك به واكتم علي حتى أموت إن الملائكة تزورني فآنس بها وتسلم علي فأسمع تسليمها.....


وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)
( اللهم أنا نسألك الرضا بعد القضاء )


شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه يقول شرحاً للدعاء سأله الرضى بعد القضاء لأنه حينئذ تبين حقيقة الرضى وأما الرضى قبله : فإنما هو عزم على أنه يرضى إذا أصابه وإنما يتحقق الرضى بعده
وقال بعض السلف : ذروا التدبير والاختيار تكونوا في طيب من العيش فإن التدبير والاختيار يكدر على الناس عيشهم
وقال أبو العباس بن عطاء : الفرح في تدبير الله لنا والشقاء كله في تدبيرنا




الدنيا تمر بمنغصات تكدرالعيش مرض قلة رزق زواج تأخر ولد لم يأتي أو فقدان عزيز حينها يتمنى لو أن الأمور تغيرت لكان أسعد حالاً وينشغل في التفكير الذي لن يجدي مع أن الحل للهروب من هذه الهموم هو الرضا والتسليم بقضاء الله عز وجل
وقيل : الراضي من لم يندم على فائت من الدنيا ولم يتأسف عليها
ولله در القائل :
 
العبد ذو ضجر والرب ذو قدر والدهر ذو دول والرزق مقسوم
والخير أجمع فيما اختار خالقنا وفي اختيار سواه اللوم والشوم




أنس عظيم وجنة في الدنيا قبل الآخرة لا يحسها إلا الذي سلم أمره لخالقة فنعم واستراح فهنيئاً لهم سعادة الدنيا والآخرة ....
قال عمر بن عبد العزيز لقد تركنا هؤلاء الدعوات ومالي في شئ من الأمور كلها أرب إلا في مواقع قدر الله وكان كثيرا ما يدعو اللهم رضني بقضائك وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل شئ أخرته ولا تأخير شئ عجلته
وقال أصبحت ومالي سروراً إلا في مواقع القدر

قال بعض العارفين : ذنب أذنبته أنا أبكى عليه ثلاثين سنة قيل : وما هو قال : قلت لشىء قضاه الله : ليته لم يقضه أو ليته لم يكن
وقال بعض السلف : لو قرض لحمى بالمقاريض كان أحب إلي من أن أقول لشيء قضاه الله : ليته لم يقضه ...


رضي الله عنهم ورضوا عنه


(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ  ) التوبة 100
نختم بشرح هذه الآية الكريمة من ظلال سيد قطب رحمه الله
ورضي الله عنهم هو الرضى الذي تتبعه المثوبة وهو في ذاته أعلى وأكرم مثوبة ورضاهم عن الله هو الإطمئنان إليه سبحانه والثقة بقدره وحسن الظن بقضائه والشكر على نعمائه والصبر على ابتلائه ولكن التعبير بالرضا هنا وهناك يشيع جو الرضى الشامل الغامر المتبادل الوافر الوارد والصادر بين الله سبحانه وهذه الصفوة المختارة من عباده ويرفع من شأن هذه الصفوة من البشر حتى ليبادلون ربهم الرضى وهو ربهم الأعلى وهم عبيده المخلوقون وهو حال وشأن وجو لا تملك الألفاظ البشرية أن تعبر عنه ولكن يتنسم ويستشرف ويستجلي من خلال النص القرآني بالروح المتطلع والقلب المتفتح والحس الموصول ذلك حالهم الدائم مع ربهم رضي الله عنهم ورضوا عنه وهناك تنتظرهم علامة الرضى : وأعد لهم جناتِ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم
وأي فوز بعد هذا وذلك عظيم ؟؟





ليست هناك تعليقات: